21 - 12 - 2024

افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائئ الـ 40 | السينما تتكلم الرومانسية!

 افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائئ الـ 40 | السينما تتكلم الرومانسية!

بدأت فعاليات الدورة الـ 40 من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط،التي تعيد من خلالها إحياء زمن الرومانسية في السينما المصرية، ومن أجلها أقامت استفتاء ضخما على مستوى النقاد والكتاب المهتمين لاختيار أجمل 100 فيلم رومانسي؛ وهو ما أسفر عن فوز الفيلم الملون ـ وهذه مفاجأة ـ "حبيبي دائما" بطولة النجمين نور الشريف وبوسي بالمركز الأول، أما في عدد الأفلام المتصدرة فقد احتلت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة مكانتها في الصدارة ب 17 فيلما، والمخرج العظيم هنري بركات في المركز الأول بفارق شاسع بينه وبين شاعر السينما عزالدين ذو الفقار الذي جاء في المركز الثاني برصيد 6 أفلام ، وفي الموسيقى التصويرية لا نندهش من تساوي الثلاثة الكبار: علي إسماعيل وأندريا رايدر وفؤاد الظاهري..

وهذه دراسة ساهمت بها في مطبوعات المهرجان لهذا العام عن الرومانسية في السينما المصرية من خلال قراءة أتمنى أن تكون منصفة للأفلام ونجومها على مدار 100 عام من المشاهدة والتحليل والتأمل..

لماذا الحب؟

في البدء كان الحب..

والشريط السينمائي جل اهتمامه خطاب المشاعر

والإيقاع السينمائي يعزف على أوتار القلوب

فالسينما هي مرآة القلوب وأحلام المتفرجين

وهي الفن المسؤول عن الارتقاء بلغة المشاهد

ونظرة إلى أسماء كتاب السيناريو ومخرجي الفن السابع ونجومه تكشف عن أننا أمام نجوم استثنائية "هيرو" تركت بصماتها على وجوه الناس.

لذلك؛ يمكننا القول، أنه لولا الحب ما كانت السينما.

السينما منذ بداية عهدها كانت الأفلام الرومانسية هي أيقونة الانتاج السينمائي، وتعد عقود الأربعينيات والخمسينيات والستينيات وجزء من السبعينيات ـ جنبا إلى جنب مع تيار الواقعية الجديدة التي ازدهرت في الثمانينيات والنصف الأول من التسعينيات ـ يشكلون الفترة الذهبية للانتاج الرومانسي الكلاسيكي، وشكلت الأفلام التي تتناول قصص الحب في المقدمة من حيث عددها وإيراداتها وشعبية نجومها،.. واستمر الأمر كذلك حتى وقع الانقلاب الناعم مع فيلم "إسماعيلية رايح جاي"، فاختلطت الرومانسية بما يعرف باللايت كوميدي قبل أن تعود بقوة مع بزوغ فجر الألفية الثالثة مع السيناريست تامر حبيب أشد من تمسكوا بالكتابة عن الحب وهاني خليفة مخرجا (سهر الليالي 2003) ومحمد حفظي سيناريست وطارق العريان مخرجا (السلم والثعبان 2001) ورفاقهم من فرسان تلك المرحلة التي تأكدت في العام 2019 بفيلم مميز هو "قصة حب" البطولة لهنا الزاهد وأحمد حاتم وعثمان أبو لبن قصة ومخرجا، عن سيناريو وحوار أماني التونسي، وبذلك نستطيع أن نرصد عدم غياب السينما الرومانسية عن التاريخ السينمائئ.

سر الفيلم الكلاسيكي

المشاهد شغوف بقصص الحب ومشاهده الممتعة وهو يناسب المزاج العام؛ تلك حقيقة لا تحتاج إلى تأكيد، ولو فرض أن طلبت من مجموعة من محبي السينما أن يطلعونا على أهم مشاهد أثرت فيهم، لكانت النسبة الغالبة منها هي لمشاهد رومانسية وحوارات في الحب العذري وعن الحب تتكلم؛ وإلا لما كانت أغلى نجمات السينما هي "الفيديت" وأغلى نجومها هم نجوم أدوار "الفتى الأول"، لا يختلف ألأمر في السينما العالمية عنه في السينما المصرية مع وجود استثناءات قليلة في الشاشتين عززته اتجاهات ما في حقبة زمنية ساد فيها العنف الذي قدم نفسه بديلا للحب في أزمنة مضطربة!

الأمثلة ليست ببعيد ولا حصر لها؛ فأول أفلام السينما كان "ليلى" عن قصة غرام، ولما حكي مخرجه التركي وداد القصة بشكل لا يشبع نهم المشاهد ولا يرضي عاطفته، سقط الفيلم وانسحب المشاهدين من قاعة العرض في مدينة الثغر ـ الإسكندرية الساحرة حيث جمهورها الذواق الذي احتضن الفنون على مر العصور ـ تسارع خروج المشاهدين بعد وقت قصير من بدء عرضه، حتى تصدى للمهمة الفنان الشاب وقتها استيفان روستي، وأعاد كتابة نفس القصة وتصدى لإخراجه نجح نجاحاً باهراً لأن المشاهد يحب في الغالب أن يرى نفسه بين النجوم، يهجر معهم، ويغازل معهم ويحب على إيقاعهم وعباراتهم الرنانة التي يحفظها المشاهد عبر عدة أجيال!

فيلم ليلى

تاريخ العرض: 16 نوفمبر 1927 (مصر)

ﺇﺧﺮاﺝ: إستيفان روستي / البطولة: عزيزة أمير 

ﺗﺄﻟﻴﻒ: وداد عرفي (قصة وسيناريو وحوار)  إستيفان روستي

القصة: تترعرع ليلى فى إحدى الواحات المشرفة على أطلال ممفيس، ويلتقى رؤوف بك بليلى ويحاول التودد إليها، لكن قلبها كان معلقًا بأحمد، وتتم خطبة أحمد لليلى ولكنه سرعان ما يتعرف على فتاة برازيلية وافدة إلى مصر، وتتوالى الأحداث.

وهكذا نطقت ـ حتى وإن كانت صامتة ـ السينما المصرية منذ بدايتها بالرومانسية ، يذكر أن كثير من مشاهد الفيلم تم تصويرها في صحراء سقارة والهرم وشوارع القاهرة، وهي المناطق نفسها التي أغرت معظم مخرجي السينما المصرية فيما بعد وحضر افتتاح الفيلم أمير الشعراء أحمد بك شوقي الذي أثنى على منتجته عزيزة أمير.

ومن اللافت أن نجد أول سندريلا صنعت شعبيتها في السينما المصرية، كانت لنجمة العصر الكلاسيكي الرومانسي، وهي النجمة الفنانة ليلى مراد، لنجد أنها الأعلى أجرا بين نجمات زمانها، لموهبتها الطاغية كمطربة، إذ وصل أجرها إلى 15000 جنيه عن الفيلم الواحد وهو رقم غير مسبوق وقتها، وأيضا لأنها تتماشى مع المزاج العام لمشاهدي الفن السابع وللعصر الكلاسيكي الذي تمثله، والذي نحن إليه دائما عبر منصات السينما الكلاسيكية، ومن أشهر كلاسيكياتها: (قلبي دليلي، شاطئ الغرام، عنبر، ليلى بنت الأغنياء، سيدة القطار وغزل البنات)، ولم تتصدر ليلى مراد القمة منفردة، بل هناك الكثيرات من النجمات منهن مديحة يسري وكاميليا وشادية بالطبع ومن بعدها جاءت سندريللا جديدة لا تقل سحرا ولا جاذبية هي: سعاد حسني التي أضافت فصلا رائعا للسينما الرومانسية الشقية إن جاز التعبير.

تتسلم منها الراية النجمة نجلاء فتحي قبل أن تزاحمها على قمة عرش الرومانسية النجمة ليلى علوي بمجموعة أفلام محفورة على الشريط السينمائي بدءا من فيلم محمد خان "خرج ولم يعد".

وثائق أم كلثوم وعبد الوهاب

ومن المجحف فصل السينما الغنائية عن النوعية الرومانسية الكلاسيكية، وإلا فعن أي شيء تعبر أفلام أم كلثوم وعبد الوهاب وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ؟

أم كلثوم نفسها سئلت: لماذا اخترت فترات تاريخية وليست معاصرة، فيكون ردها لمجلة "الاثنين"، أنها فترة تتيح لها من خلالها أن تكون جارية تغني في كل المناسبات"؛ وما نفهمه من هذا القول أن الحب هو الخيط الأول للقصة والغناء ماهو إلا افتعال مناسبة".

وعكس النجاح الكبير الذى حققته كوكب الشرق فى عالم الطرب، إلا أنها لم تحقق نصف نجاحها ـ لا هي ولا عبد الوهاب ـ فى عالم السينما، فهي قدمت ستة أفلام خلال سنوات اشتغالها بالسينما، في الفترة من  1936 و 1947، والأفلام بالترتيب هى: فيلم “وداد” مع المخرج فريتز كرامب، فيلم “نشيد الأمل” و “دنانير” و” عايدة” مع المخرج محمد بدرخان، وفيلم “سلامة” مع المخرج توجو مزراحى، وأخر أفلامها كان فيلم “فاطمة” مع المخرج أحمد بدرخان، لم تحقق من خلالها الآمال المعقودة عليه، ولكن هذا لا يمنع أنهم يمثلون وثيقة سينمائية فريدة من نوعها.

زمن العندليب

قصص الصعود والوفاء للمحبوب والسعي وراء تحقيق الأحلام والهروب من الفقر، كانت أهم تيمات الشخصيات التي قدمها عبد الحليم سينمائيا في مشواره الذي بدأ عام 1955 بـ 4 أفلام، ليقدم شخصيات تتوافق مع روح عصر ما بعد الثورة، ففي فيلم "لحن الوفاء" الذي شاركته بطولته شادية وهو أيضا أول ظهور له على الشاشة قدم "العندليب" شخصية الشاب اليتيم "جلال" الذي تبناه الموسيقار علام ودعم موهبته، ويمنحه فرصة الصعود، وحين يخير بين الحبيبة وبين أبيه الروحي فانه يختار قيمة الوفاء.

في "أيامنا الحلوة" 1955 شيء يقترب من ذلك، وهو بطولة مشتركة مع النجوم فاتن حمامة وعمر الشريف وأحمد رمزي، كان عبد الحليم نموذجا للشاب الفقير المكافح الذي يعيش مع زملائه حياة بسيطة من أجل الانتهاء من دراسته ويساعد جارته الشابة التي تقع تحت وطأة المرض ويقدم عطاءه الكبير لها رغم أنها تعلن حبها لصديقه، وفي : أيام وليالي 1957، هو الشاب الذي يعاني أيضا الحرمان من حنان الأب، فيتفوق دراسيا ليكون الموظف المثالي المبتكر لأحد الاختراعات الهامة ولا مانع من أن يقع في غرام إبنة المدير، ومن بامكانه أن يفصل فيلم مثل "الوسادة الخالية" 1957 رائعة إحسان عبد القدوس وإخراج واحد من أهم رواد الواقعية هو صلاح أبو سيف، عن مراحل تطور الفيلم الكلاسيكي، بالإضافة إلى الشكل الفني الراقي الذي يقف خلف مضمون قصة فيلم "بنات اليوم" 1957 يقدمه المخرج هنري بركات في فترة زمنية كانت الرومانسية فيها محل اختبار في ظل الأوضاع السياسية التي تحيط بالمجتمع المصري إبان العدوان الثلاثي 1956 فترة منتصف الخمسينات.

سحر المشهد

ومن سحر السينما أنه رغم تشابه المشاهد وتقارب الحوارات إلا أنها لا تفقد أبداً بريقها من جيل إلى آخر، رغم تأكيدنا على اختلاف أذواق المشاهد في كل حقبة من الزمن، إلا أن الرومانسية لا تفقد بريقها على وجوه أبطالها، فالرومانسية هي العاطفة التي لا نستطيع الفكاك منها، سواء كانت بين شاب وفتاة (عبد الحليم وبطلاته في أفلام مثل: شارع الحب، الوسادة الخالية، حكاية حب، معبودة الجماهير حتى آخر أفلامه أبي فوق الشجرة باحترافية كتابها ومخرجيها)، أو رجل ناضج وفتاة محبوبة عشرينية (عماد حمدي - فاتن حمامة)، أو حتى صبية مراهقة ورجل (ميرنا وليد- أحمد زكي)؛ فالجميع لديه الاستعداد لخوض تجربة الحب، خاصة في مرحلة الأحلام بالعثور على الفارس الذي يمتطي الجواد الأبيض، فالحب هنا يمثل الرغبة في الانطلاق وتحقيق السعادة التي خلق من أجلها، وأنه لا مانع من خوض كثير من المعارك من أجل الفوز بالمحبوب، وليس هناك أروع من أن تمنحنا السينما كثيرا من تجاربها وأن نعايش لحظات الدفء عبر مشاهدها، بين تلميذة الجامعة والمحامية والعاملة والارستقراطية، كلهن في مواجهة الرجل.

للحب صور متفرقة

ومن نماذج تخليد الجمهور ـ تسانده الصحافة الفنية ـ للفيلم الكلاسيكي الرومانسي، أن أطلقت على واحد من أهم مخرجي هذه النوعية ألقابا تمجده وتميزه بين سائر المخرجين؛ وهو المخرج الحالم الرومانسي: عز الدين ذو الفقار (28 أكتوبر 1919ـ 1 يوليو 1963)، عندما منحته الجماهير العديد من الألقاب نذكر منها: فارس الرومانسية ـ وشاعر السينما) وهو في رأينا جاء تقديرا لهذا الاتجاه الذي يمثله ويعشقه المشاهد، ومن أهم أعماله: رد قلبي، بين الأطلال ونهر الحب.

جدير بالذكر أن التعبير عن الحب في السينما قد اتخذ أشكالا متنوعة، منها النداء: أحمد..../ منى....الذي أصبح يطلق في كثير من المناسبات الغرامية، ومنه الحوار الفلسفي، كما جاء بين الفنان محمود ياسين والفنانة فاتن حمامه في الفيلم الناعم "الخيط الرفيع" 1971 بحوار المبدع إحسان عبد القدوس وإخراج هنري بركات الذي يقدم في هذا الفيلم باقة من أروع مشاهده، أوبالحوار الهامس والغناء كما في أفلام المطربين: عبد الوهاب، فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ.

الحب والإغراء

وأحيانا يلجأ المخرج إلى كسر الجمود، والخروج عن المألوف، كما هو الحال في فيلم مثل "المعلمة توحة" 1958، في مشهد خارج الصندوق تعبر فيه توحة ـ الفنانة هند رستم عن حبها لمحسن سرحان وهي في النزع الأخير عنطريق رقصة وسط الحارة تبث بها إليه الأشواق، وإن كنا لا ندري هل هذا المشهد من بنات فكر المخرج حسن الصيفي أم الكاتب محمود إسماعيل الذي هو أيضا من بين أبطاله، ولا يمكن أن نذكر إسم واحدة من أجمل بطلات السينما. هي النجمة هند رستم، ولا نشير إلى رائعتها ورائعة يوسف شاهين الشخصية المنحوتة نحتا على الشريط السينمائي: "هنومة" في " باب الحديد"، وفي مقابلة لي مع السيدة هند رستم في منزلها على نيل الزمالك، أبدت تحفظها على وصف النقاد لها بملكة الإغراء، وهو ما قاله لها الأديب العملاق عباس محمود العقاد في مقابلة معها كانت تقوم فيه بدور الصحفية لتجري معه حديثا لإحدى الصحف؛ حيث قال لها: من الخطأ وصفك يا سيدتي بهذا الوصف غير الدقيق، لأنك أدهشتنا بأدوار متعددة كنت صادقة فيها جميعها.

وما قاله الأستاذ العقاد صحيح تماما؛ فتقديم شخصية ما لا يعني التصاق الممثل بها؛ ونحن نجد فيلم مثل " الإخوة الإعداء" 1974، ملامح للحب وبحثا عن الحب كما أجهد دوستوفيسكي البحث عنه وهو ما قدمه حسام الدين مصطفى وباقة النجوم في براعة، وفي الفيلم التاريخي الجميل عنترة بن شداد (1961) من إخراج نيازي مصطفى، بطولة: فريد شوقي وكوكا، لا يخلو من أجمل مشاهد الحب وأشعاره.

الفيديت

لذلك من الممكن القول بأن معظم ممثلات السينما المصرية – البطلات – قد جسدن شخصية الفتاة أو المرأة العاشقة، بل يمكننا أن نقرر أن غالبيتهن كن الساعيات إلى أداء هذه الشخصية، باعتبارها الأكثر نفاذا إلى قلوب المشاهد وأنها تحقق جماهيرية عريضة، وبعضهن ارتبطن بهذا الدور لحقبة من الزمن (نجلاء فتحي مثالاً وليلى مراد)، بالطبع يرتبط ذلك بعمرها الزمني ومدى محافظتها على مواصفات الفيديت.

تعد ليلى مراد واحدة من أشهر نجمات السينما الرومانسية في الفترة الذهبية للسينما المصرية، ونظرة على عدد من أفلامها يكشف تلاصقها بهذا الدور – فتاة الأحلام - ومن هذه الأفلام: ليلى بنت مدارس 1941، غزل البنات 1949، شاطئ الغرام، أما الفنانة ماجدة فقدمت: أين عمري 1966، والمراهقات 1960، في حين أن شركة ليلى مراد على لقب السندريلا وهي سعاد حسني، جاء من أول أفلامها الذي أطلت به على جمهور السينما بوجه فتاة الأحلام "حسن ونعيمة" وهو الفيلم المظلوم نقدياً لأنه يكشف عن مواصفات سعاد حسني – السندريلا- من أول إطلالة، وهو الفيلم المسئول – بسيناريو عبد الرحمن الخميسي وهنري بركات سيناريست ومخرجاً - عن انطلاقة سعاد حسني من كبسولة فضائية إلى فضاء النجومية، ولذلك سوف نتناوله في موضوع آخر من هذه الدراسة، قدمت سعاد أيضاً مجموعة من الأفلام التي كرست لمكانتها كنجمة لعصر اتسم بكل ما فيه بالرومانسية والأحلام، فمن أفلامها أيضاً "السفيرة عزيزة"، بمشاهد الحب الناعمة التي شاركها فيها الفنان شكري سرحان، تزامن ذلك من نجمة اخترقت قلوب جمهور السينما بتعدد مواهبها وهي الفنانة "شادية" التي قدمت أقوى من الحب  1961 عز الدين ذو الفقار، أغلى من حياتي 1965 للمخرج محمود ذو الفقار.

نجمات الرومانسية

ثم جاءت مرحلة، كان فيها من أقوى نجوم الرومانسية تأثيراً هم المطربون الذي تساندهم شعبية عريضة لذلك ضاعفت النجمات اللاتي وقفن أمام نجوم الغناء عبر الشاشة الفضية من شهرتهن وانتشارهن خاصة بين الشباب، كان من بين هؤلاء: سامية جمال، ليلى فوزي، زبيدة ثروت في (يوم من عمري) الذي قال لي عنه مخرجه العظيم عاطف سالم في لقاءات متعددة جمعتني به، قال لي أنني كنت أتعامل مع المشاهد التي جمعت العندليب عبد الحليم حافظ والوجه الجميل زبيدة ثروت بوصفها مجموعة ملصقات عن الحب، لبنى عبد العزيز (الوسادة الخالية)، فاتن حمامة مع فريد الأطرش ومنفردة في ملحمة الرومانسية (بين الأطلال)، كما تقدم على استحياء بعض نجوم كرة القدم مثل صالح سليم الذي شارك الفنانة فاتن حمامة البطولة بدور الفتى الأول (الباب المفتوح)، وأمام نجاة الصغيرة (الشموع السوداء)، بالطبع لم تكن كل الخيارات لا في صالح العمل ولا هي تحقق المصداقية لدى المشاهد، فأحيانا يكون الفارق بين عمر البطلة والبطل محل انتقاد من المشاهدين، كما أن بعض الفنانات ظهرن في ثياب تلميذات ثانوي ولم يكن هذا مقنعاً للمشاهد، رغم أن هذا قد ظهر في أفلام أخرى وصدقناه مثل مجموعة التلميذات – البطلات- في فليم "شارع الحب" صدقناه لخفة ظل الممثلات الذي غطى على أعمارهن، أيضاً لم نتوقف أمامه لأنه يأتي في سياق قصة بطلها العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، ومن أجله كل الهفوات مغفورة، باعتباره الفرجة والجهة الرسمية الرئيسية، إلى أن جاءت أفلام المطربين الجدد في التسعينيات: يتقدمهم عمرو دياب بعبقرية خيري بشارة وسيناريو كامل الدسم لمدحت العدل، ثم محمد فؤاد ومصطفى قمر سبقهم ايمان البحر درويش جميعهم نجحوا بقصص رومانسية ناعمة وحققوا ايرادات ضخمة أضافت إلى رصيدهم.

في السياق نؤكد على أنه تختلف نكهة الرومانسية من ممثل / ممثلة، وآخر، فلكل مذاقه/ مذاقها، نيللي كريم ومنى زكي وهند صبري وياسمين رئيس وحلا شيحة ومنة شلبي، شادية ونادية لطفي مهما كانت القصة لها حبكتها، ومهما كانت حرفية المخرج والمونتير والمصور – مع عظيم تقديرنا لكافة الأدوار واللمسات، فالعديد من الممثلات تحققت لهن كل الإمكانات، وعندما انفردت الكاميرا بهم سقطوا سقوطاً مدوياً، مهما امتدت لهم يد الإنقاذ، وليست هذه هي كل الحقيقة، فجانب آخر منها هو ما سبق وأشرنا إليهم، فحوار فيلم "الخيط الرفيع" يحفظه عن ظهر قلب كل محلل للسينما في مصر، وكذلك كثير من مشاهد فيلم الرومانسية الأشهر والأحب "حبيبي دائماً"  1980 الذي خرج عن أهم قواعد الفيلم الرومانسي متمثلا في النهاية السعيدة التي ترفرف على البطلين في نهاية الفيلم: فيتزوجان قبل أن ينزل تتر النهاية، حبيبي دائما كسر التابوه وجعلنا ننصح المشاهدين من بعدنا أن يحرصوا على اصطحاب المناديل الورقية ـ وكانت اختراعا جديدا وقت عرض الفيلم في دور العرض ـ لتجفيف دموعهم ، فضلا عن أن حوار الفيلم ( كوثر هيكل ورفيق الصبان) يحفظه كل العاشقين مع ذرف كثير من الدموع، خلف الكاميرا وأمامها بالطبع، وفي السياق الحب في مفهوم هنري بركات غير أنور وجدي وعلي بدرخان، ثمة شئ آخر مؤثر فيما نراه أمامنا على الشاشة، هو "ألزمن" نعم بكل تأكيد فلكل زمن مزاجه، ولكل زمان أبطاله ولا أنسى جملة قالها لي الفنان يوسف شعبان – رحمه الله- ونحن نحصي نجوم الزمن السابق في جلسة سمر جمعتني به في بيته؛ فقد قال لي: الجمهور يجب في النجم أن يشبهه، لذلك اختلفت المقاييس وتبدلت الأذواق والاتجاهات بين حقبة وأخرى.. فمن الأصدق؟!

الحاضر .. أم .. الماضي..

لا تحاول الإجابة

لأنها سلسلة ندور في فلكها ونتعلق بحلقاتها!

وليس موضوعنا المقارنة بين فترة وأخرى؛ لأن السينما أذواق، والمثل الفرنسي يقول "الأذواق لا تناقش"، وهناك دوما جيل يسلم جيلا، حتى جئنا إلى الألفية الثالثة، وفيها بزغت أسماء في كتابة السيناريو، وفي الإخراج سعيد حامد وخالد يوسف وايهاب راضي ومحمد النجار وآخرين والتمثيل وبقية عناصر الفيلم السينمائي، إنه جيل نيللي كريم ومنة شلبي ومنى زكي، وظهرت أفلام تضيف إلى الفيلم الرومانسي: الحب الأول، عن العشق والهوى، هيبتا، واحد صحيح، أسوار القمر، أحلام عمرنا، غاوي حب، كان يوم حبك..ونحن لا نقدم إحصاء لكل الأفلام بل نذكر نماذج منها فمعذرة للجميع..
---------------------------
بقلم: طاهر البهي